اسلوب الخطاب فی رسائل من العصر الاشوری الحدیث (911-612 ) ق.م
الملخص
ابتکر العراقیون القدماء الکتابة المسماریة قبل أکثر من خمسة آلاف عام ، وقد أمدتنا التنقیبات الآثاریة بمئات الألوف من النصوص المدونة بالخط المسماری ، الذی دام استخدامه فی التدوین بما یقارب من ثلاثة آلاف عام أو یزید ، فأثرتنا هذه النصوص بمعلومات غزیرة من النواحی السیاسیّة و الحضاریة وغیرهما. وفیما یخص جانب الأدب الذی نحن بصدد دراسته ، فقد صدرت العدید من التراجم والدراسات تناولت أدب العراق القدیم , اعتمد اغلبها على نصوص ذات طابع أدبی ، من ملاحم ، وأساطیر ، وصلوات ، وتراتیل ، وغیرها. وعلى الرغم من ذلک تعدّ البحوث الأدبیة البلاغیّة قلیلة مقارنة مع الکم الهائل من النصوص المسماریة المنوعة الأخرى , ومنها الرسائل التی اعتمد علیها البحث . یهدف البحث لدراسة بعضٌ من أسالیب الخطاب فی رسائل من العصر الآشوری الحدیث ، وکما هو معروف فإن هذه الرسائل دونت باللغة الأکدیة بلهجتیها الآشوریة الحدیثة والبابلیة الحدیثة ، وهی رسائل رسمیة تمثل خطابا رسمیا تمیز بطابعه الإخباری الذی یختلف عن الخطاب المعتاد بکونه ذا صیغة أدبیة لا یمکن التغافل عنها وترکها من دون دراسة وتحلیل . وهی تعکس واقعاً لأحداث وقعت فی تاریخ العراق القدیم ، امتد ما یقارب من ثلاثة قرون ( 911 - 612 ق.م ) ، وهی حقبة العصر الآشوری الحدیث . وصنِّفت الرسائل فی هذا البحث وفق موضوعاتها من شکوى ، تهکُّم ، وعید ، مدح ، هجو ، انتقاد ، مَثَل وحکمة. فهذا بحث یهتم بدراسة بلاغیة ، یمکن عن طریقها تناول أفعال اللغة من الوِجهة اللسانیة عبر فحص شکل الملفوظ ، ویمکن أیضاً تناول الوِجهة النفسیَّة-اللسانیَّة ، وذلک عبر فحص العملیات الذهنیَّة التی تقوم علیها أفعال اللغة وتُعبِّر عنها ، وهذا ما یُسمَّى علم النفس اللسانی ، وهو فرع من فروع علم النفس(1) ، یمکن أن یترتب علیه مقارنة بین الموروث الحضاری للعراقیین القدماء مع الوقت الحاضر.



