أثر الحواس فی الصورة الشعریة عند أدباء بلاد الرافدین

الصورة الشعریة عماد الشعر وبنیة القصیدة وقوامها، إذ اعتمد علیها شعراء بلاد الرافدین لتقدیم افکارهم وللتعبیر عن عواطفهم، ویمکن أن نعدها الشکل الذی تتجلى فیه عبقریة الشاعر او الادیب وتجربته، وأداة توصیل الافکار الى المتلقی بشکل مؤثر، ولاْن الصورة هی جوهر الشعر یکتب الشاعر کیانه بها، فکراً وتصویراً وتعبیراً ولغةً، لیخلق لنا معنى داخل المعنى، لذا ظهرت أهمیتها لدى الشعراء من حیث أبعاد القصیدة وبنائها وتکوینها وربطها مع اجزاء القصیدة الاخرى لتوضیح الفکرة المراد تبیانها.تشیر النصوص الادبیة التی ترکها لنا ادباء بلاد الرافدین ان حضارتهم لم تکن آثار اقدام على رمال الزمن فحسب, بل انها تراث الکلمة المدونة التی لا زالت هی جوهر الانسانیة وفکرها, إذ کانت تلک النصوص سر الوجود فی حیاة الانسان آنذاک فمن خلالها تعرفنا على ذلک الشاعر و کیف ترجم ونقل احاسیسه التی کان یشعر بها فضلاً عن الأفکار التی انتابته من خلال الحواس الخمسة (السمع, البصر, الشم, الذوق, اللمس) والتی کانت العنصر الاساس للصورة الأولى لیکون وصفه تقلیدیاً بادئ الامر لکنه تطور لیصل الى مراحل متقدمة من الکلام والمنطق، لذا فبوجود تلک الحواس تعرفنا على البیئة الطبیعیة بجبالها وسهولها واهوارها وصحاریها و جمیع الحیوانات التی کانت تعیش فیها فضلاً عن البیئة الدینیة التی کانت متغلغلة فی نفسیة ذلک الانسان و التی ترکت اثرها البارز فی ترکیبة شخصیته, إذ کانت الطقوس الدینیة والعبادات مرتبطة ارتباطاً مباشراً فی الانشطة الانسانیة، اما البیئة الاجتماعیة التی اظهرتها لنا النصوص المسماریة فعلى ما یبدو أن المجتمع السومری کان مجتمعاً اسطوریاً یؤمن بالخرافة والقوى الخارقة وما ان بدأت الهجرات الجزریة تغیرت تلک البیئة لتأتی بأقوام حرصوا على التزامهم بالعادات والتقالید التی جاءوا بها من خلال الاعتزاز ببطولات الاجداد والادباء, لیورثهذا النسیج الاجتماعی أدباً قل نظیره فی العالم القدیم بحکم تأثر الاقوام الجزریة بالسومریة والعکس صحیح نحو الاساطیر، الملاحم، الرثاء، الغزل، الصلاة، الادعیة والتراتیل والخ...