علاقات العاصمة الآشوریة نینوى بمدینة حران فی العصر الآشوری الحدیث (911-612 ق .م)
الملخص
یّعد العصر الآشوری الحدیث (911-612 ق.م) من أزهى العصور التی مر بها العراق القدیم بعامة وبلاد آشور بخاصة ، حیث یعد الآشوریون أحد الاقوام التی اثرت تأثیرا کبیرا ومباشرا فی منطقة الشرق الادنى القدیم بتوسعاتهم العسکریة ومنجزاتهم العمرانیة والحضاریة وتعاظم قوتهم الاقتصادیة وانتشار منجزاتهم ضمن الحدود الجغرافیة لبلاد آشور أو الدول والأقالیم المجاورة لها أو البعیدة عنها . وکان لتلک المنجزات الآشوریة التی خلفوها الأثر الکبیر فی التعریف بتأریخهم الطویل الذی انتهى بسقوط عاصمتهم نینوى سنة 612 ق.م على ید التحالف البابلی- المیدی. وهناک الکثیر من الدراسات والأبحاث التی تناولت تأریخ الامبراطوریة الآشوریة من مختلف جوانبها السیاسیة والحضاریة والاقتصادیة وما قدمته التنقیبات المستمرة والقراءات الحدیثة للنصوص المسماریة التی أسهمت فی إغناء الباحثین بالکثیر من التفاصیل ، فقد ارتأینا ان نتطرق فی هذا البحث الى منطقة تقع فی الجزء الشمالی والشمالی الغربی من بلاد الرافدین التی اطلق علیها الباحثون فی مؤلفاتهم باسم أعالی الفرات حیث تضم العدید من الأقالیم التی سیطر علیها الآشوریون أهمها مدینة حران التی لعبت دورا مهما فی بلاد آشور إبان الألف الاول قبل المیلاد من الناحیة الاقتصادیة والسیاسیة والدینیة کما ورد فی الحولیات والرسائل الملکیة الآشوریة ، وقد کانت معظم الأقالیم التی سیطر علیها الآشوریون موحدة فی ظل المملکة الآشوریة ولم یکن هناک تمییز فیما بینها ، حیث وردت فی العدید من الوثائق الآشوریة أسماء شخصیة من غیر الاشوریین شغلوا مناصب علیا فی الدولة. ولعل المقصود فی هذا البحث دراسة العلاقة بین العاصمة الآشوریة نینوى ومدینة حران بمختلف أوجهها السیاسیة والدینیة والاقتصادیة، حیث ان اتساع رقعة المملکة الآشوریة فی العصر الآشوری الحدیث فرض علیها اقامة علاقات دولیة مع البلدان والأقالیم المجاورة لها ، وقد عکست هذه العلاقات وتطورها استقرار بلاد آشور وفق ما یتصف به کل بلد أو أقلیم من قدرات وحاجة کل منهما للآخر، لتتحقق بفعل ذلک الوحدة الثقافیة والحضاریة بین البلدین ، ولأیمکن التحدث عن العلاقات بین العاصمة الآشوریة نینوى ومدینة حران من دون الرجوع إلى الوصف الجغرافی لمسرح الأحداث .



